الأربعاء، 2 يونيو 2010

علاقة الملك فاروق بالملكة ناريمان خلال الشهور الاولي من المنفي


اطالع هذه الايام المقالات الصحفية التي نشرتها الصحف العالمية عن الملك فاروق وعائلته في السنوات الاولي للمنفي ١٩٥٢-١٩٥٦. هذه المقالات تشكل مصدرا مهما للمعلومات عن الملك في فترة حرجة من حياته اتسمت بالاضطراب وعدم الاستقرار. يمكن اعتبارها ايضا مصدر وحيدا للتصريحات الصحفية القليلة التي نشرها الملك فاروق علي لسانه حيث ان التقاليد الملكية كانت تمنع منعاباتا تحدثه للصحافة في فترة ماقبل يوليو ١٩٥٢.
وبرغم عدم ثقتي في الصحافة بوجه عام كمصدر للتاريخ الا انني اكتسبت انطباعا عاما بانه من الممكن الخروج بمعلومات دقيقة من هذه الصحف اذا تم مقارنتها ببعض من حيث تناولها لتفاصيل الاحداث .

لفتت نظري بوجه خاص علاقة الملك فاروق بالملكة ناريمان خلال الشهور الاولي من المنفي. فالملك (الانسان) كان يقدر لزوجته الي ابعدحد مرافقتها له في المنفي باختيارها وكان يري ان اسرته الصغيرة هي كل ماتبقي من ثروة ولقد صرح بذلك عدة مرات في الفترة من يوليو الي اكتوبر ١٩٥٢. ويبدو ان سعادة الملك بحياته البسيطة قد اغضبت من كانوا علي راس السلطة في مصر حينها فسارعوا بارسال ام الملكة ناريمان لارجاع ابنتها الي مصر ونشروا العديد من التصريحات الصحفية ( الملفقة او الحقيقية) علي لسان الملكة فريدة في مصر بان فاروق قد اختطف بناتها وانها سوف ترفع قضية لضمهم الي حضانتها. وبينما لم ينجوا علي مايبدو في حمل الملكة فريدة علي اتخاذ اي اجراء رسمي ضد الملك فانهم قد نجحوا بالتاكيد في تفريقه عن الملكة ناريمان في وقت قياسي وبسرعة يصعب تصديقها اليوم. وفيما يلي تفاصيل الاحداث كما جمعتها من الصحف الانجليزية والاسترالية

في يوم ٩ مارس ١٩٥٣ نشر خبر صغير في احد الصحف الاسترالية ينص علي ان اصيلة هانم قد وصلت الي ايطاليا وذللك علي مايبدو لفض نزاع بين فاروق وناريمان.
في يوم ١٢ مارس نفاجا بخبر ضخم نشر في العديد من الصحف بان ناريمان تركت فاروق نهائيا وانها سافرت مع والدتها الي سويسرا. اي ان اتخاذ قرار الانفصال لم يستغرق في الواقع اكثر من ثلاثة ايام !!!
في نفس اليوم ينشر محامي الملك فاروق تصريحا يوضح ان فاروق لم يطلق ناريمان وان والدة الملكة قد مارست ضغطا نفسيا ضخما عليها لتحملها علي للانفصال من فاروق الذي فضل اخيرا ان يترك زوجته تسافر مع والدتها لاعفائها من الضغط النفسي وليترك لها فرصة للتفكير. وذكر البيان ان اصيلة هانم قد قدمت الي ايطاليا بتحريض من محمد نجيب وانها تنفذ اوامره.
في الايام التالية نقرا عدة اخبار عن الملك فاروق الذي تمت رؤيته في نوادي ليلية بعد انفصاله عن ناريمان. وعلق الملك علي ذلك عندما ساله احد الصحفيون قائلا: انهم يلوموني انني اسهر الان خارجا بعد انفصالي عن ناريمان مباشرة ولكن كيف لي ان امكث في البيت وصورها في كل مكان?
في يوم ١٧ مارس نشر المللك فاروق تصريحا لم اكن لاصدقه لولا انه منشور في اربعة صحف بنفس النص تماما. التصريح يدمي القلب فعلا فهو استجداء لناريمان بالعودة الية ويذكر الملك فاروق زوجته بان بينهما ابن مشترك وانه لذلك حريص عليها ويقبل عودتها بدون اي شروط من جانبه. ويرجو الملك منها ان تغفر له انه لم ياتي الي مطار روما لتوديعها قبل السفر مبينا انه تجنب القدوم كي لا يفقد اعصابه في وجود والدتها التي تاخذها بعيدا عنه. المحزن في هذا الشان انه من الواضح ان الملك قد لجا الي اصدار البيان بعد ان فشل بالاتصال بزوجته فقد نشرت عدة صحف ايضا ان الملك في اليوم السابق قد اتصل بالفندق الذي تقيم فيه زوجته في سويسرا ولكنها رفضت ان تحادثه!
وتذكرت هنا بألم كيف اختار الملك زوجته من العامة وكيف تزوجها رغم انف جميع المصريين الذين نزلت مكانته في قلوبهم درجة لاصراره علي الزواج من فتاه ذات اصول متواضعة. وتذكرت كيف ارسلها الملك لايطاليا لتتعلم اصول التعامل وكيف اجل زواجه بها حتي يتم اعدادها كملكة رغم ان صفوف من الفتيات المناسبات للزواج منه كن رهن اشارته!!

في لقاء مع الملكة ناريمان اجراه طارق حبيب معها في التسعينات قالت ان سبب الخلاف الاكبر بينها وبين الملك انه قد صادر جواز سفرها الايطالي ليمنعها من السفر. وفي رايي انا ان هذا اكبر دليل علي تمسك الملك بها وان تصرفا كهذا كان جديرا باحترامها وليس بسخطها!
نتابع الصحف الصادرة في الايام التالية فنعلم ان الملكة ناريمان قد غادرت سويسرا الي مصر يوم ٢٢ مارس وانها صرحت فور وصولها برغبتها في طلب الطلاق من الملك ولم يفت ناريمان الاشارة انها تجنبت المرور بمطار روما في رحلة العودة لانها خشيت ان يحاول فاروق مقابلتها هناك!!
ونفذت نريمان نيتها فعلا في اكتوبر من نفس العام حيث اقامت قضية طلاق ونفقة في دائرة مصر الجديدة علي ماورد في الصحف المصرية.
في ٢ فبراير ١٩٥٤ يصدر حكما بالطلاق (لاستحالة العشرة). اي ان النظر في قضية الطلاق لم يستغرق اكثر من ٤ اشهر وهو رقم قياسي لقضية طلاق في وقتها وحتي يومنا هذا , مع العلم ان اقصر وقت لقضية ا الخلع في الوقت الحاضر هو ٩ اشهر!!
وفي ٣ مايو من نفس العام تتزوج ناريمان مرة اخري. تتزوج بعد مرور عدة الثلاثة اشهر باليوم الواحد. تتزوج من طبيب وتترك ملكا وانسانا ضحي بالكثير من اجلها وتمسك بها لاخر لحظة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق